الاثنين، 28 سبتمبر 2009

لماذا أدوّن ؟!

René Magritte's The Portrait (1935)

دائما ما تبعث المنازل الجديدة شعور عدم الإنتماء في نفس ذاك الجديد الذي ولج الباب للتو. حينما يمر الطفل أمام ساحة المدرسة في أول يوم له في العالم المخيف المسمى مدرسة، ويلاحظ كل تلك النظرات الفارغة من الطلاب الأكبر سنّاً، وتلك النظّارات والمساطر الطويلة التي تبعث الخوف عند معلّميه ومعلماته.. حينها يشعر ذاك الطفل أنه ماكان ينبغي له أن يخرج من بيته الصغير وعالمه المليئ بخيالات قناة سبيس تون.

لا ألمّح –من كل ماسبق- إلى أنني ذاك الطفل، وأن هذا التدوين هو المدرسة، وأن كل ما سبق من وسائل الكتابة والنشر التي اتبعتها كانت عالماً صغيراً.. على الأقل لن أبكي خوفاً كما بكى –ويبكي- آلاف الطلاب في أيامهم الأولى في المدرسة. لكنني أقرّ واعترف أنني ألاحظ نظرات فارغة المضمون تأتيني من هنا وهناك.. لايهم .. فقد تكون خيالاً من وحي نفسي كخيال الجن الذي يتراءاه البعض أحياناً في الأماكن التي يُقنعون هم أنفسهم أنها مسكونة!

لماذا أكتب؟ لماذا أنشر عن نفسي؟

ثمّ .. هل يجب أن أنشر عن نفسي، كما يفعل الكثيرون في مدوناتهم؟!

في الواقع.. المدونة عبارة عن صفحة بيضاء يقدّمها "صاحب موقع" Blogger ولا يطالبك أبداً بأي شيء. يقوم البعض بالرسم وآخرون بالكتابة عن حياتهم أو عن كلبهم وسياراتهم ومشاكلهم الصحية وأشياءاً ارتضوها لأنفسهم، وآخرون يأخذون الورقة ويلفون بها السندوتشات ويقدمونها للمتصفح مثيرين اشمئزازه حين دخل ليقرأ ليفاجأ بتوسّخ ثوبه من الـ"طحينية"! ويقوم آخر ببلها وشرب مائها بناءاً على نصيحة الدكتور "بُرعي" من وكالة ناسا لعلوم الفضاء.

بقي أن هنالك فئة تأتي أمامهم الصفحة الفارغة، ثم يقدّمها فارغة بلا أن يضع أي سواد على بياضها. مع هذا كنت أتفكّر وأنظر، وأسترجع الآثار الكثيرة من آداب العرب عن الصمت وفضله والسكوت وقيمته، واسترجع ذكرى أولئك التلاميذ الذي يقفون بوقار –رغم حداثة سنهم- في جلسات العلم في المساجد، فيثير ذاك الفعل إعجاب واحترام معلّميهم ... أليس من الحكمة ترك الصفحة بيضاء؟! أوليس في تركها سلامة وغنيمة ؟! أوليس الناس لو مرّت عليهم مئة حسنة من رجل تلتها سيئة لأنستهم الحسنات وأخذوا بتلابيب السيئة؟ ما القيمة من الكتابة تحت سوط نمط نقدي كهذا!

يقول "
غوتيه" ذات ندم:
أواه كم لعنت تلك الصفحات الطائشة التي جعلت آلام شبابي
ملكاً مشاعاً للجميع!
.. ان الكتابة الشخصيّة عملية عاطفيّة غير عادلة، من حيث ان الكاتب لايستطيع اخفاء جانبه الشخصي في كتابته وإن تكلّف في التعتيم؛ فيبرز شخصه ويظهر مكنوناته مجانا لقارئ يكتفي بالقراءه، فيعرف عنك –ايها الكاتب- ولاتعرف عنه، ويستفيد منك ومن خلالك ولاتستفيد مباشرة منه. تبدوهذه المعادلة محبطة وتكرر السؤال فيني بإلحاح : لماذا أدوّن؟!!

أدوّن لأن القلم موجود على الطاولة ممتلئ بالحبر، ولأن الورقة موجودة أيضاً على الطاولة، ولأن اليد "تحكني" أحياناً لو تركتها خاملة.. هكذا بكل ببساطة. لا أدعي أنني أكتب أو أرسم في تلك الورقة لهدف, وأنني أنوي برسمي الوصول إلى شكل نهائي متفرّد له مغازي سامية؛ بل الأمر أنني اعتدت عدم ترك الأوراق خالية، واعتدت أن أبدأ السطر واترك القلم يكمل الدرب، واعتدت منه أنه في ختام السطر والجملة يكون قد وصل إلى مكان مهم. أنها الثقة في النفس التي تجعلني اراهن على أنني لن ألعن الصفحات الطائشة.. كما لعنها غوتيه من قبل.

هناك تعليقان (2):

  1. حين مررت من هنا عابرةً .. شممت رائحة السدر والسمر والخبيز فاستوقفتني قليلاً لأنعش رئتاي المنهكة بملوثات المدينة ..مدونة جميلة ورائعة ولغة عربية ممتازة .. أهنئك .. واستمر بجر قلمك حتى يفرغ عطر حبره ..

    ردحذف
  2. وإن كنت تواجه أى صعوبات فى التعامل مع النمل الأبيض فسارع بالتواصل مع شركة ديكوريند أفضل شركة مكافحة النمل الابيض بالرياض 0590352700
    شركة ديكوريند أفضل شركة مكافحة فئران بالرياض :

    هل تعلم ما هى أسباب وجود الفئران بالمنزل؟

    إن وجود الفئران بالمنزل له عدة أسباب مثل:

    عدم التخلص من بقايا الطعام بسرعة.
    وجود فتحات فى شبابيك المنزل أو الأبواب أو الجدران وخاصة المنازل التى تحتوى على قبو خاص بها.
    رداءة شبكة الصرف الصحى وفى ذلك أيضاً يمكنك الإستعانة بأفضل شركة تسليك مجارى بالرياض شركة ديكوريند

    نصائح أفضل شركة مكافحة فئران بالرياض هى:

    التخلص من النفايات وبقايا الطعام بطريقة صحية وسليمة وبصورة سريعة
    التأكد من أن كافة الأبواب والنوافذ مغلقة بشكل سليم ولا يوجد بها أى ثغرات تسمح بمرور الفئران.
    التأكد من سلامة مجارى الصرف الصحى.
    إن كان المنزل يحتوى على قبو خاص فيجب التأكد من نظافته مرة أسبوعياً على الأقل.

    وإن كنت تواجه أى صعوبات فى التعامل مع الفئران فسارع بالتواصل مع شركة ديكوريند أفضل شركة مكافحة فئران بالرياض 0590352700

    ردحذف