الرَوْضَة

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

ظاهرة التكونات الركامية المحلية (الحقبان) في قطر.




لضخامة حجم التقرير الذي قمت بنشره في منتديات مكشات وشبكة الأسهم القطرية, اكتفي في هذه الرسالة برابط التقرير.. مع تمنّياتي بخروجكم سالمين بلا كدمات من وَقْع البَرَد :) :


ظاهرة السحب الركاميّة (الحقبان) في قطر.. (شرح مع عشرات الصور من أرشيفي الخاص).





السبت، 24 أكتوبر 2009

"الصمت - Silence" : رواية يابانيّة من العيار الثقيل .. جداً !



.. بعد الإعجاب الباهر فور انتهائي, في يوم من أيام اكتوبر 2006, من مشاهدة فيلم المخرج الكبير مارتن سكورسيزي المحتفى به من الجمهور والنقاد “The Departed” ذهبت مباشرة إلى موقع imdb.com لكي أعرف ماالذي سيقدمه بعد هذا العمل. وجدت في قائمة مشاريع الأفلام القادمة له (سكورسيزي) فيلماً بعنوان Silence. بعد النقاش الطويل عن الفيلم في منتدى سينماك (رحمه الله) .. أذكر أن الأخ الكريم والناقد السعودي اللامع "رجا المطيري" أشار إلى أنه ينتظر بشغف فيلمه القادم "الصمت" .. أذكر جيّداً انه وصف شوقه الشديد لتجسيد مخرج كـ"مارتي" لرواية "خالدة" كـ"الصمت".. حينها عزمت أن أقرأ الرواية.

الآن وبعد 3 سنوات, بعد ان بحث غير كليل عن الرواية في المكتبات؛ تسنت لي بمحض الصدفة الوصول إليها في مول الإمارات في دبي.. اشتريت الرواية وكنّا في طريقنا إلى الدوحة برّاً. تسمّرت المقدّمة, ثم بدأت القراءة ولم اتوقف .. كنت في المقعد الخلفي للسيارة وصديقاي –في الكراسي الأمامية- ينادونني ولكني كنت اكتفي بالتجاهل والاستمرار في القراءة .. التفت صاحبي علي بعد انزعاجه من عدم ردّي , ثم قال لصاحبنا السائق: أيه زاده ساكت قاعد يقرا كتاب اسمه الصمت :P. عند وصولي للنقطة الأخيرة المُنهية لآخر جملة في الرواية.. قلت في نفسي: يالنهاية التي تستوجب –وجوباً- فضيلة الصمت!

الصمت (1966) : هو عنوان لرواية تاريخية من تأليف الروائي الياباني المحتفى به عالميّاً "شوساكو إندو". الرواية -المقتبسة جزئياً من أحداث واقعية- تدور في اليابان في القرن السابع عشر خلال العهد الذي شاع فيه الإضطهاد الياباني للرعايا اليابانيين الكاثوليك, والذين انتشرت الكاثوليكية في بعض أجزاء اليابان من اتصال الشعب بالإرساليات البرتغالية بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وشيوع التجارة البرتغالية مع الشرق الأقصى. تبدأ القصّة من بلوغ الكنيسة الكاثوليكية الخبر الصاعق, وهو ارتداد القس المخلص والمعروف وقتها "كريستوفاو فيرييرا", والذي كان ينشر التعاليم المسيحية المحظورة سرّاً في اليابان, عن الديانة المسيحية واعتناقه البوذيّة. الخبر الذي دفع ثلاثة من طلاّبه المخلصين غير المصدقين لمحاولة الوصول فعليّاً إلى اليابان للتحري من الخبر.

تبدأ الرواية من هذا المدخل التاريخي, ثم تنتقل بالقارئ في رحلة الرهبان الثلاثة (وبالذات الراهب رودريغيز بطل الرواية) الفيزيائية والنفسية والعقائديّة بعد وصولهم اليابان وعيشهم في حياة المطاردين من السلطات الغاضبة. تتحدّث الرواية عن أوضاع الطائفة الكاثوليكية اليابانية وقتها, وعن أساليبهم في التعبّد السرّي والمحافظة على دينهم وسط قوانين متشددة تعرّض أي معتنق للمسيحية للتعذيب والقتل. وفي هذه الرحلة كان رودريغيز يسير مع اختلاف الأماكن واختلاف الأحداث واختلاف القناعات التي أخذت تأخذ مسارات جديدة عنده.

عوضاً عن العنصر القصصي الرائع في حبكته, فإن العنصر المهم حقّاً في الرواية هو طابعها الفلسفي التأملي العقائدي العميق. وهذا الطابع, الذي يصدر من الروائي الياباني الكاثوليكي "إندو", له طعم خاص ونكهة متفرّدة كونها تصدر من ياباني ومن كاثوليكي تشكل طائفته نسبة أقل من 1% من الشعب الياباني. تصف الصراع النفسي الحاد في عقائد الشخصيّات من خلال المواقف التي مرّت بها في الرواية. ثم تصل في أواخيرها إلى هدف الرحلة ككل, القس فيرييرا المرتد, وعن ارتداده وعيشه كياباني, وموقف تلميذه من المسألة ككل وماتلاه في حياته. لا أريد أن أفسد متعة قراءة الرواية لأي قارئ محتمل.

من النقاط التي جذبتني أكثر للرواية, كونها من الأدب الياباني, والذي تعتبر هذه القراءة الأولى لي لعمل روائي ياباني, وإن كنت فعلاً قد اتصلت بالأدب الياباني عن طريق أفلام المخرج العظيم "أكيرا كوروساوا" التي أعشقها, أو أفلام الأنمي للأسطورة الحيّة –وأنا رجل أختار كلماتي بعناية وأعني بحق ودقّة هنا أنه "أسطورة حيّة"- "هاياو مايازاكي". الأسلوب المستعمل وطريقة السرد وطريقة الوصف استعمال المفردات والأماكن التي يقوم الكاتب بالتركيز عليها كانت أصيلة لها طابعها المميز, وكانت تجربة بعيدة إلى حد ما عن الأساليب المتبعة في الرواية الغربية بشكل عام.

بقي أن أشير أن الرواية حصلت على حفاوة بالغة عند الرأي العام وعند النقاد المحليين والعالميين وحصلت على عدّة جوائز أدبيّة, وبل ويصنفها الكثيرون على أنها من روائع الانتاج الروائي العالمي في القرن العشرين.

وبقي أيضاً أن أقول أن مارتن سكورسيزي يخطط فعليّاً لإنتاج فيلم مقتبس عن هذه الرواية (وإن كان المشروع قد تأجل مرّات عديدة). زاد من حماسي للفيلم معلرفتي بطاقم التمثيل, بقيادة الممثل صاحب الأدوار الخالدة "دانيال داي لويس" والذي اعتبره من أفضل الممثلين الأحياء( وأعتبر أداءه في There Will be Blood الأعظم فيما شاهدت في حياتي مناصفة مع روبرت دي نيرو في Raging Bull) والذي سيقوم بدور الأب فيرييرا المرتد. و الممثل الشهير "ديل تورو" بدور طالبه رودريغيز الباحث عن معلمه. هؤلاء حينما يقودهم مخرج عظيم كمارتن سكورسيزي (taxi driver, Raging Bull, Goodfellas, Casino, Gangs of New York, The Departed) لينتجوا فليماً مبنياً على رواية بهذا العمق, أعرف يقيناً أنني على موعد من عمل لا يمر مرور الكرام. من المؤسف أن العمل تم تأجيله لعام 2011, وحينها, إن الله أحيانا, لنا موعد.

الأحد، 11 أكتوبر 2009

أولى بشائر الحقبان: الأمطار الغزيرة على الغويرية 11-10-2009 (بالصور)




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله من قبل ومن بعد ..

من بشائر الخير والبركة, هطلت اليوم أمطار غزيرة وغزيرة جداً شمال قطر (الغويريّة وجنوبها إلى معسكر الشمال وجنوبه إلى أم الشخوط.. هذا ماوقفت شخصيّاً عليه) مصحوبة بالصواعق والرياح إثر تعرّض المنطقة لخلية رعدية ركاميّة (حقاب) سالت على إثرها الوديان وامتلأت الغدران, ولله الحمد والفضل.

من بداية اليوم والأجواء كانت إيجابيّة للغاية. لاحظنا جميعاً السحب المنخفضة والمتوسطة اللي ظهرت من الضحى وبدأت تأخذ شكل الرؤوس الركاميّة مبشّرة بفرض ممتازة .. بعد الظهر بدأت مرحلة عدم الاستقرار واضحة في التشكيلات البارزة, لكنها ماوصلت إلى درة الحقبان.

من التفاؤل اتجهت بإتجاه السحب بعد الساعة الواحدة ظهراً, مع أنه ماقام حقاب وقتها .. وصلت الغويرية ولاحظت أن الرؤوس كثيرة ولاواحد فيها قوي ممطر, وصراحة تشائمت وتخوّفت من أن البخار والطاقة تتلاشى وتتفرّق بين السحب الكثيرة الصغيرة (مثل ماحصل مرات كثيرة) .. لكن سبحان الله قامت سحابة التعاظم فوق الغويرية تماماً و (شوف العين) شفت السحاب يتجمّع ويلتحم مع بعضه في مشهد رائع .. فبدأ الرش ثم المطر الغزير ثم الصواعق المستمرّة والقويّة والرياح القويّة من التيار الهابط من التكوّن الركامي مع شبه انعدام في الرؤية أحياناً بسبب شدّة المطر. أترككم مع الصور (إضغط عليها للتكبير) :

























الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

الـ"زياني" .. والـ"شيانيّة" !!

ذكر (يمين) - أنثى (يسار)


يقول منظّرو النظريات النسوية "feminists" في جملة ما يقولون من آراء ونظريات، أن المجتمع الذكوري انتقى "معايير تفوّق" إنتقاءاً لتجعل منه يظهر مظهر الأقوى والأكثر تفوّقاً من المرأة. الرجل –حسب رأيهم لا رأيي.. علشان لحد يطنقر- اختار من الرياضات ما تناسبه وأدّعى -لتفوّقه فيها- أنه أفضل بدنيّاً من المرأة؛ فهو يركض بسرعة أكبر، ويعدو لمسافات أطول، ويحمل أثقالاً أكثر وزنا.. اختار ما يصلح له ولو كان المجتمع انثويّاً للنساء قوّة التحكّم فيه وفي توجّهاته، لما اختارت معاشر النسوة هذه الرياضات ولما اهتمّت بها ولكنها تختار ما يصلح لطبيعتها ثم ستطبقها كمعيار عام للتفوّق البدني ... وهلم جرّاً في مناحي الحياة الأخرى غير الرياضة.

بغض النظر عن موقفي تجاه مُنظري هذه النظريات، والذي يصل البعض منهم درجة الهوس والتطرّف بل والتمييز الجنسي (في محاولته محاربة التمييز .. ياللمفارقة!!). لكن هذه النظرية تثير فعلاً بعض التساؤلات. لو كان" فلان" من الناس هو قائد القبيلة محل الإحترام ومنتهى الوصف والإقتداء، وقام بلبس العمامة الحمراء بدلاً من العمائم البيضاء الشائعة في قبيلته .. ألن يكون هذا النمط الجديد محل ترحيب وتقبّل من أفراد القبيلة، بينما لو قام به شخص عادي لاستنكروا فعله وسخروا منه؟!

عموماً لن أتحدّث كثيراً في الأمثلة، اردت فقط الإشارة إلى أن الذكر هو صانع المعايير. ومن هذا ..

يعرف أهل قطر وخاصة المولعون بالصيد وبالحياة البرّية مصطلحي (زياني(ـه) / شياني(ـه)) المستعمل في وصف بعض أنواع الطيور. كما يوحي الاسمين، فهما يشيران إلى أن النوع الأول (الزياني) حسن المنظر والآخر سيء المنظر "شين". فترى صفارة "زيانية" (الصفارة طير غير مقيم يأتي في أول الصفري) وصفارة "شيانية"، وترى فقاقه زيانية وشيانية وسمنه زيانية وشيانية .. إلخ الأنواع. التسمية هذه هي للفصيلة والنوع ذاته حيث يكون الذكر فيه في الغالب الأعم له ألوان زاهية وشكل وخطوط مجمّلة "زياني" .. ينما تأتي الأنثى "سادة" بملامح عادية باهتة "شياني".

مع النظر والتأمل .. نرى أن هذه الصفة لاتقتصر بالطيور فحسب .. بل وحتى الحيوانات باختلاف فصائلها يكون شكل الذكر مختلفاً في الغالب عن الأنثى، ويتفضّل الذكر على الأنثى في الألوان والأحجام والملامح .. الوعول يكون ذكورها "التيس" بقرون كبيرة وألوان مميزة, بينما تكون الأنثر صغيرة لا شيء مميز فيها؛ الأسد يمتاز بطوقه الجميل بينما أن الأنثى "سادة" أيضاً. والأمر ذاته للكثير الكثير من الثدييات والزواحف.

لكن .. عند الانسان .. دائماً ما كانت الأنثى هي الجميلة الحسنة، ودائماً ما كانت مضرب المثل في الحسن وحسن الخِلقة ومحل قصائد وقصص وخيالات الأمم كلها.. بينما أن الذكر هو الأقل جمالاً من الأنثى، بشعره وبنية جسده وملامح وجهه وجسده.

سؤالي الآن .. هل فعلاً أن الأنثى هي الجميلة ؟ أم أنها هي الـ"سادة" كما باقي خلق الله والذكر هو الـ"زياني" :) ؟

كون الذكر هو من يحدد المعايير، وهو من يحدد من هو الأجمل .. فمن ميوله الغريزية الفطرية للمرأة، يجد فيها الجمال والحسن لا في الذكر .. فيبني أفكاره على ذلك ويشيعها في المجتمع –كما يقول النسويون- جاعلاً منها "قاعدة عامة" يسير بها الذكر والأنثى ويقتنع بها الذكر والأنثى.

إذا .. الرجل أجمل من الأنثى، حتى وإن رأينا –نحن الذكور- عكس ذلك :) ..

شرايكم P: ؟؟

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2009

هل ينجح دان براوين مجدداً مع رمزة المفقود؟!

غلاف الرواية "النسخة الإنجليزية"


لعل الكثير منا قد قرأ رواية "شيفرة دافينشي" وأخواتها الأكبر سنّاً والأقل شهرة. لا أظن أن الرواية بحاجة للكثير من التعريف فقد أثارت –ولازالت- الكثير من الجدل وأعتلت قوائم الكتب الأكثر بيعاً في أنحاء كثيرة من العالم عند صدورها عام 2003 وبعد ذلك التاريخ إلى أن وصل عدد الروايات المُباعة منها إلى 81 مليون رواية حول العالم! هذا النجاح كفل إعادة تسويق الروايات الأقدم لكاتبها "روبرت لانغدون" .. عفواً .. "دان براون" والتي كانت قد بيع منها 10000 نسخة فقط. غضبت الكنيسة وغصب بعض الكاثوليك ونوقش الكتاب في الحلقات الأدبية والدوريات العالمية والمحليّة, يبنما كان كاتبها "دان براون" يمضي وقته مستمتعاً بالـ250 مليون دولار التي حققها من روايته. أنام ملئ عيوني عن شواردها *** ويسهر القوم جراها ويختصموا... أو كما قال الشاعر, وفعل براون :).

منذ أيام قليلة صدرت الرواية الجديدة للكاتب بعد انقطاع دام 6 سنوات (2003-2009). بعد النجاح الكبير للرواية الأولى وجد براون نفسه أمام تحدي أكبر لأرضاء القرّاء , ولعل طول الفترة هنا بالمقارنة مع الفترات بين رواياته السابقة هو السبب. دان براون يعود مجدداً مع بطله الذي "أتعبه" بحق في اللهث وراء الـ"ماورائيات" حسب تصاوير بعض الجماعات البطلة في رواياته. هنا, في روايته الجديدة (الرمز المفقود) , يأتي بـ"روبرت لانغدون" البروفسور الأمريكي مجدداً ليحل الألغاز ويحاكي عوالم غامضة.. هذه المرّة ستكون رحلة الرواية كلها خلال 12 ساعة (!) من عمر لانغدون في "وضع" يجعله أمام الماسونيّة! طبعاً لايخفاكم ما للماسونية من شهرة وغموض يخيم على معابدها وشخصياتها وأهدافها, ولايخفى عليكم أن الجماعة (أي المساونيين) لها وجود أكبر من الجماعات السابقة في رواياته (أخوية سيون في شيفرة دافينشي / المستنيرون "The Illuminati" في ملائكة وشياطين) .. طبعاً هذا إن كان لهم وجود حقيقي!!

بالتأكيد أن الرواية ستثير الجدل .. ولست –حتى الآن- متأكداً إن كانت ستثير غضب الثلّة القويّة شديدة النقوذ في المحافل الماسونيّة أو أنها ستتجنّب المواجهة. رأيت الرواية قبل أيام بالصدفة في رفوف مكتبة في مول الإمارات خلال زيارة خاطفة إلى دبي, وهممت شراءها ثم امتنعت واخترت انتظار النسخة العربيّة, بسبب أن قراءتي بالإنجليزية بطيئة مقارنة بالعربيّة, مع صعوبات محتملة في بعض الكلمات والتعبيرات.

الأكيد أنني متشوّق للرواية. روايات دان براون ليست للتأمل العميق أو للفلسفة العامة أو الجمال التركيبي (وإن وجد فيها بعض من هذا) , ولكنها تقدّم وجبة دسمة من المعلومات والأفكار المجمّعة قالب سردي شديد التشويق يسحبك إلى وسطه بسهولة لتجد نفسك وقد أمضيت الساعات متسمّرا الرواية.

تكرار الكتابة في ذات الإطار أمر خطر. هذا قد يسبب الملل للقارئ والتكرار في البناءات, ولكن إن كان ثمة شخص يجيد صناعة السيوف ولاشيء سوى السيوف.. لا أنصحة –مثلاً- أن يصنع بندقيّة! لا أعلم حقيقة إن كان دان براون يعرف صناعة البنادق, ولكنني أتمنى بحق أن لا يكرر الـ"نصل" ذاته لسيفه الجديد :) !

لي لقاء عند صدور النسخة العربية للرواية .. حالياً أنا منكفئ على ذاتي امام رواية "الصمت" المذهلة للكاتب الياباني"شوساكو إندو", وساكتب مراجعة خفيفة عنها قريباً بحول الله.

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

الإنجازات العربية .. موسوعة جينيس انموذجاً !!

The Guinness World Records 2010 edition
تطبع دار Jim Pattison Group سنويا كتابها الشهير "جينيس للأرقام القياسية العالمية" بلغات كثيرة وبملايين النسخ التي بالكاد تكفي الطلب الكبير على الكتاب. البشر بطبيعتهم يثير اهتمامهم كل غريب وعجيب ومتفرّد, لذلك صار للكتاب سوق كبير, وصار البعض يحرص على فعل ما يشفع له الدخول في الكتاب. تجد في الكتاب أرقاماً قياسية وانجازات بعضها مهم ومثير للإعجاب, وبعضها سخيف مثير للضحك. أحدهم يتسلّق الجبل في فترة قياسية, وآخر يقطع مسافة الـ100 متر في أقصر زمن, وآخر يخرج مسدسه الـ9 ملم ويصوّب به في اسرع وقت. وتجد من أتى برقم قياسي في أكل أكبر كمية من السباقيتي من خلال أنفه, وتجد أيضاً أكبر كمية للوشم في جسد رجل, وأيضاً أطول شعر "أذن" في العالم !

كل ذلك موجود .. وكل دول العالم تقريباً لها موطئ قدم في السجل الأكثر شهرة. يبقى أنك حين تقلّب الصفحات بحثاً عن انجاز عربي, تتفاجاً أن الغالبية الساحقة من السجلات الموجودة لدول وأشخاص عرب تتسم بصفتين اساسيتين لا تخلو الأرقام عادة منهما. تجد أن الأرقام القياسية العربية لها صفتين: شديدة الكلفة وقليلة القيمة؛ إلى درجة أن الجميع يعرض عن فعلها. ستجد أكبر طبق "مجبوس" وأكبر طبق كعك وأطول اسطول حافلات (:)) وأكبر فستان. لن تجد في غالبية الأرقام أية قيمة أو انجاز .. بل ستجدها سخيفة إلى درجة أن الفرح والتراكض إلى مكتب ناشر الكتاب للحصول على تصديقهم أمر مخجل, وخاصة أن الكثير من العرب يعطون الـ"أنجاز!" طابع الدولة, لا المؤسسة والشخص كما هو حاصل مع انجازات الحمقى من باقي أصقاع العالم.

قبل فترة بسيطة طالعتنا الصحف القطرية المحلية بالإنجاز الباهر الذي حققته مؤسسة مواصلات (كروة) عن طريق صفّها لأطول اسطول حافلات نقل. في الدول المتحضّرة لايمكن لمؤسسة ربحية تعمل في مجال المواصلات ككروة أن تعطّل عملها وعمل الناس وتعيق حركة السير فقط لكي يدخل اسمها في مربع صغير في موسوعة غينيس لايلبث أن يُزال في النسخة الجديدة. بل وإن الصحافة هناك لن تنشر الخبر وتفتخر به وتخصص له المساحات, لأنه لايهم أحداً. إن هذا التصرّف ليس لأسباب دعائية كما قد نعتقد, بل ينظر بعض المسؤولين عن هذه الخطوات إلى أنهم "يرفعون اسم بلدهم" عن طريق هذا الخبر في ذاك الكتاب الآيرلندي!

الاثنين، 28 سبتمبر 2009

لماذا أدوّن ؟!

René Magritte's The Portrait (1935)

دائما ما تبعث المنازل الجديدة شعور عدم الإنتماء في نفس ذاك الجديد الذي ولج الباب للتو. حينما يمر الطفل أمام ساحة المدرسة في أول يوم له في العالم المخيف المسمى مدرسة، ويلاحظ كل تلك النظرات الفارغة من الطلاب الأكبر سنّاً، وتلك النظّارات والمساطر الطويلة التي تبعث الخوف عند معلّميه ومعلماته.. حينها يشعر ذاك الطفل أنه ماكان ينبغي له أن يخرج من بيته الصغير وعالمه المليئ بخيالات قناة سبيس تون.

لا ألمّح –من كل ماسبق- إلى أنني ذاك الطفل، وأن هذا التدوين هو المدرسة، وأن كل ما سبق من وسائل الكتابة والنشر التي اتبعتها كانت عالماً صغيراً.. على الأقل لن أبكي خوفاً كما بكى –ويبكي- آلاف الطلاب في أيامهم الأولى في المدرسة. لكنني أقرّ واعترف أنني ألاحظ نظرات فارغة المضمون تأتيني من هنا وهناك.. لايهم .. فقد تكون خيالاً من وحي نفسي كخيال الجن الذي يتراءاه البعض أحياناً في الأماكن التي يُقنعون هم أنفسهم أنها مسكونة!

لماذا أكتب؟ لماذا أنشر عن نفسي؟

ثمّ .. هل يجب أن أنشر عن نفسي، كما يفعل الكثيرون في مدوناتهم؟!

في الواقع.. المدونة عبارة عن صفحة بيضاء يقدّمها "صاحب موقع" Blogger ولا يطالبك أبداً بأي شيء. يقوم البعض بالرسم وآخرون بالكتابة عن حياتهم أو عن كلبهم وسياراتهم ومشاكلهم الصحية وأشياءاً ارتضوها لأنفسهم، وآخرون يأخذون الورقة ويلفون بها السندوتشات ويقدمونها للمتصفح مثيرين اشمئزازه حين دخل ليقرأ ليفاجأ بتوسّخ ثوبه من الـ"طحينية"! ويقوم آخر ببلها وشرب مائها بناءاً على نصيحة الدكتور "بُرعي" من وكالة ناسا لعلوم الفضاء.

بقي أن هنالك فئة تأتي أمامهم الصفحة الفارغة، ثم يقدّمها فارغة بلا أن يضع أي سواد على بياضها. مع هذا كنت أتفكّر وأنظر، وأسترجع الآثار الكثيرة من آداب العرب عن الصمت وفضله والسكوت وقيمته، واسترجع ذكرى أولئك التلاميذ الذي يقفون بوقار –رغم حداثة سنهم- في جلسات العلم في المساجد، فيثير ذاك الفعل إعجاب واحترام معلّميهم ... أليس من الحكمة ترك الصفحة بيضاء؟! أوليس في تركها سلامة وغنيمة ؟! أوليس الناس لو مرّت عليهم مئة حسنة من رجل تلتها سيئة لأنستهم الحسنات وأخذوا بتلابيب السيئة؟ ما القيمة من الكتابة تحت سوط نمط نقدي كهذا!

يقول "
غوتيه" ذات ندم:
أواه كم لعنت تلك الصفحات الطائشة التي جعلت آلام شبابي
ملكاً مشاعاً للجميع!
.. ان الكتابة الشخصيّة عملية عاطفيّة غير عادلة، من حيث ان الكاتب لايستطيع اخفاء جانبه الشخصي في كتابته وإن تكلّف في التعتيم؛ فيبرز شخصه ويظهر مكنوناته مجانا لقارئ يكتفي بالقراءه، فيعرف عنك –ايها الكاتب- ولاتعرف عنه، ويستفيد منك ومن خلالك ولاتستفيد مباشرة منه. تبدوهذه المعادلة محبطة وتكرر السؤال فيني بإلحاح : لماذا أدوّن؟!!

أدوّن لأن القلم موجود على الطاولة ممتلئ بالحبر، ولأن الورقة موجودة أيضاً على الطاولة، ولأن اليد "تحكني" أحياناً لو تركتها خاملة.. هكذا بكل ببساطة. لا أدعي أنني أكتب أو أرسم في تلك الورقة لهدف, وأنني أنوي برسمي الوصول إلى شكل نهائي متفرّد له مغازي سامية؛ بل الأمر أنني اعتدت عدم ترك الأوراق خالية، واعتدت أن أبدأ السطر واترك القلم يكمل الدرب، واعتدت منه أنه في ختام السطر والجملة يكون قد وصل إلى مكان مهم. أنها الثقة في النفس التي تجعلني اراهن على أنني لن ألعن الصفحات الطائشة.. كما لعنها غوتيه من قبل.

الخميس، 27 أغسطس 2009

الرَوْضَة ....

"ربيع التنهاة" بوساطة معضاد

"هي كائن حي متكوّن من كائنات..
هي لوحة مزركشة تلهب الحواس..
هي منجى وملاذ ومجلس عامر مرحِّبٌ بضيوفه..
هي مكان ابتدائي ومنتهاي..
....... هي الرَوْضَة.
"



لماذا "الرَوْضَة" ؟؟

هي روضة.. وليست غابة صنوبر وأزْر سامقة متعالية, وليست غابة مداريّة مزدحمة صاخبة, وليست حقل أرز منتج مثخن, أو حشائش استبس واسعة الرقعة جافة المضمون. هي مجموعة من "عرين" كبير تجمّع في منخفض من الأرض محاولاً بيأس ان يصل إلى المياة الجوفية ليشرب من مائها, ولكنه لايصل غالباً... هي روضة لأنها أصيلة, خيّرت بين أراضي الأرض فاختارت الجدب منه, موقنة أن الجمال حين يظهر في أصل الجدب يصبح سيد الجمال ودرّته.

هي الروضة لأنها تحيا حين يكون السيل, الحبل السرّي لها كما هو عند الجنين. تموت رَوضتي ردحاً من الزمن ثم تُبعث من مرقدها حين تنتصب من فوقها المزون العظام, لتنثر عليها هباتها الغالية وتلبسها أحلى الملابس متزيّنة لعريسها, وعريسها” أنا “في كل الروايات والاسانيد. ياه ليت شعري ما أجمل تنفّس الصباح عليها وصوت غناء الطيور في أطرافها, ما أجملها وقد تبللت بشيء من الرذاذ.. باعثة بذاك شيئاً من عطرها المُسكِر!

جفافها كثير وحياتها قصيرة.. حين تحيا أحاول أن أكون دائماً في وسطها, لأنهل من جمالها شيئاً؛ وكلّما أصير في معيّتها.. آتي إلى قلمي لأجده قد أمتلأ حبراً, متزوّداً بزادٍ منها ليكتب شيئاً بحبرها الحي! سأكون هنا -في هذه المدونة- حين تُزهِر أزهار السدر في روضتي اللتي ارتضيتها وطناً لي.


روضتي هي عقلي حينما يصفو خليلاً مع قلبي, حينما يلتم الطرفان ذات صفاء عقلي واطمئنان قلبي مع بعضهما؛ فيصب القلب سيله على عقلي ..... لتكون روضتي!

السبت، 15 أغسطس 2009

"بسمك اللهم" .. أبدأ روضتي ..
هنا ..
ستنبت أشجار السدر والسمر..
وسينبت الخبيز والشبرم والشيح والنفل والبَخَتري ..
هنا ستنوح الورقا كل يوم..
وسيتنفّس الصبح على روضتي ..
لتظهر من حسنها الذي دفنته الليالي.